مفهوم العامل أو الموظف الإفتراضي (Virtual Worker or Virtual Employee) مفهوم جديد ظهر في بيئة الأعمال، وعلى وجه الخصوص ضمن بيئة الفرق الإفتراضية (Virtual Teams) التي انتشرت بكثافة في مطلع القرن الحالي مع انتشار وتسارع وتيرة التطور في التكنولوجيا، خصوصاً تكنولوجيا الإتصالات (Telecommunication technology)، حيث سهلت هذه التكنولوجيا على المنظمات والشركات الدولية (الشركات متعددة الجنسيات) إدارة فروعها حول العالم. أشارت دراسة حديثة لـ (Gupta & Pathak, 2018) أن هناك نسبة (60%) من الشركات متعددة الجنسيات تستخدم الفرق الإفتراضية لأداء أعمالها، وهذا الرقم يتوقع أن يصل إلى (80%) خلال السنوات القليلة القادمة.

دفع ظهور وباء VOVID-19 في نهاية عام 2019 المؤسسات والشركات إلى تسريع الإنتقال إلى الفضاء الإلكتروني، حيث أشارت دراسة (Caligiuri et al., 2020) إلى أن (88%) من الشركات طلبت من موظفيها العمل من المنزل. ولم يعد توظيف الفرق الإفتراضية قاصراً على الشركات متعددة الجنسيات، بل أضحت جميع المنظمات المحلية والدولية تستخدم الفرق الإفتراضية في ظل ظروف الحجر الصحي والتباعد الإجتماعي. وفي ظل هذه الظروف أصبح العامل الإفتراضي العامل الحاسم في نجاح المؤسسات والشركات والمنظمات لإنجاز أعمالها وتحقيق أهدافها.

حسب (Elliot, 2003) فإن العامل الإفتراضي هو الذي يعمل من مواقع مختلفة على أساس التفرغ، ويتم توظفيهم من قبل منظمات افتراضية تستخدم الفضاء الإلكتروني لأداء الأعمال وتقديم الخدمات.

قضايا جديدة كثيرة يطرحها الباحثون في تنمية الموارد البشرية حول هذه التغيرات الجديدة، منها الناحية القانونية وقوانين العمل. على سبيل المثال عقود العمل، أي قانون سوف يطبق لحل النزاعات العمالية؟ قانون البلد الذي يعمل منه العامل الإفتراضي، أم قانون البلد الذي يضيف الشركة الأم؟ قضايا التأمين وما يتعلق بها، فروق التوقيت بين البلدان المتوزعة في مناطق زمنية مختلفة، ساعات العمل هل ستكون ضمن التوقيت الرسمي للعمل المعتاد، أم سيكون مرن على مدار الساعة؟ كيف سيتم التنسيق بين الفرق الإفتراضية التي يتواجد أعضائها في مناطق مختلفة، وقد تكون من ثقافات ولغات مختلفة ؟ كيف سيتم التغلب على العامل النفسي وزيادة الحوافز لدى الموظفين الإفتراضيين في ظل عملهم منفردين كون الإنسان كائن اجتماعي يأنس بمن حوله وسيفقد جزءاً كبيراً من طاقته الإيجابية التي تتعزز عادة ببيئة العمل التقليدية من الإحتكاك بزملاء العمل ومتابعة المسؤولين؟ كيف سيتم ردم الفجوة الكبيرة في تأهيل الموظفين ليكونوا قادرين على استخدام التكنولوجيا لأداء أعمالهم، حيث أثبتت أحدى الدراسات الأخيرة ((Caligiuri et al., 2020 بعد أزمة VOVID-19 أن (22%) فقط من الموظفين كانوا قادرين على التعامل من الوضع الجديد واستخدام التكنولوجيا لأداء أعمالهم، كما أثبتت الدراسة إلى أن الموظفين الإفتراضيين الجدد بحاجه إلى توجيه ومتابعة خلال فترة الثلاث أشهر الأولى من التوظيف، وهذا مايدعى بـ (Virtual Leader Mentoring).

من المؤكد أن بيئة الأعمال بعد وباء COVID-19 لم تعد كقبلها، فعلى مستوى الأفراد يجب على جميع الموظفين الحاليين و المستقبليين الباحثين عن فرص العمل إعادة تأهيل أنفسهم خصوصاً من الناحية التقنية ليتمكنوا من مواكبة الوضع الجديد، وأما على مستوى المنظمات، يجب عليها توفير بيئة مناسبة يتم فيها تحفيز الموظفين وتدريبهم ومتابعتهم حتى يكونوا قادرين على العمل بفعالية وأداء عاليين، وأما على مستوى الحكومات يجب تحديث قوانين العمل لتكون أكثر مرونة، وكذلك إعادة تخطيط القوى العاملة، وحتى إعادة هيكلة الأنظمة التعليمية لتتناسب مخرجاتها مع احتياجات التنمية وسوق العمل المتجدد والمتسارع.

 

قلم الدكتور :صالح بن محمد خير الكعود
باحث وطالب دكتوراه في تنمية الموارد البشرية
الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا

اترك تعليقاً